الدين الذي في ذمة من هو قادر على الوفاء يزكى؛ لأنه بمنزلة الأمانة عنده، ويقدر صاحبه أن يأخذه ويتحصل عليه متى طلبه، وأما الدين الذي عند معسر أو مماطل ولو كان غنيا، فإن صاحبه لا يقدر على الحصول عليه، ولو طالبه قد يدعي الإعسار والفقر، فمثل هذا المال كالمعدوم، فلا زكاة عليه إلا إذا قبضه إذا كان عقل المريض معه وفهمه وإدراكه فإن الأوامر والأحكام الشرعية تنطبق عليه، ويكلف بالصلاة والصوم والطهارة ونحوها بحسب القدرة، ويجوز مساعدته على الطهارة إن قدر على غسل أعضائه، فإن عجز عن استعمال الماء في أعضائه وشق غسلها عليه عدل إلى التيمم، فإن عجز فإن المرافق يقوم بذلك بأن يضرب التراب فيمسح وجهه وكفيه مع النية. من كان مسافرا ولم يصل المغرب والعشاء فأدرك العشاء خلف إمام مقيم فالمختار أنه يصلي المغرب وحده، فإذا صلاها دخل معه في بقية العشاء، وذلك لاختلاف النية؛ فإن المغرب والعشاء متفاوتان بينهما فرق في عدد الركعات. هذا الذي نختاره. وأجاز بعض المشائخ أنه يدخل معهم بنية المغرب، فإذا صلوا ثلاثا فارقهم وتشهد لنفسه وسلم، ثم صلى العشاء، ولكل اجتهاده قال النبي صلى الله عليه وسلم: "أد الأمانة إلى من ائتمنك، ولا تخن من خانك". فلو خانك إنسان فلا تجازه بالخيانة، بل اصفح وتجاوز عنه حتى يثيبك الله بالحسنى ويعفو عنك، ويعاقبه على خيانته إذا كان قد تعمدها، ولربما ندم إذا رآك تعامله بهذه المعاملة وهو قد خان! فيندم ويتخلق بأخلاقك؛ فيكون عملك هذا دعوة وسببا للتخلق بهذا الخلق العظيم. إن أهمية الوقت معلومة عند كل عاقل؛ ذلك أن وقت الإنسان هو رأسماله، وهو عمره أيامه ولياليه، فإذا ما ضاع رأس المال، ضاعت الأرباح، وإذا عرف الإنسان ذلك، حرص على أن يستغلها ويستفيد منها وألا يضيعها، ليكون بذلك رابحا
إبهاج المؤمنين بشرح منهج السالكين وتوضيح الفقه في الدين (الجزء الأول)
147935 مشاهدة
محظورات الإحرام

ويجتنب المحرم وقت إحرامه: حلق الشعر، وتقليم الأظفار، ولبس المخيط، إن كان رجلا، وتغطية رأسه أن كان رجلا، والطيب رجلا وامرأة.
وكذلك يحرم على المحرم: قتل صيد البر الوحشي المأكول، والدلالة عليه، والإعانة على قتله.
وأعظم محظورات الإحرام الجماع، لأنه مغلظ تحريمه، مفسد للنسك، موجب لفدية بدنة.


محظورات الإحرام:
قوله: (ويجتنب المحرم وقت إحرامه: من حلق الشعر... إلخ):
يجتنب المحرم محظورات الإحرام جميعا:
فلا يحلق شعر رأسه- ولو قليلا- ولا ينتفه؛ لقوله تعالى: وَلَا تَحْلِقُوا رُءُوسَكُمْ [البقرة: 196] ؛ وذلك لأن الحلق من الترفه.
ولا يقلم أظفاره؛ لأن التقليم أيضا من الترفه.
ولا يلبس المخيط إذا كان رجلا، فثبت أنه -صلى الله عليه وسلم- قال: لا يلبس القميص ولا العمامة والبرانس ولا الخفاف وذلك خاص بالرجل.
ولا يغطي رأسه إذا كان رجلا.
ولا يتطيب؛ سواء كان رجلا أو امرأة.
فهذه محظورات الإحرام: الحلق، والتقليم، ولبس المخيط، وتغطية الرأس، والطيب.
وفديتها واحدة، وقد ورد في فديتها التخيير في قوله تعالى: فَفِدْيَةٌ مِنْ صِيَامٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ نُسُكٍ [البقرة: 196] وفسر النبي -صلى الله عليه وسلم- ذلك، ففسر الصيام بأنه ثلاثة أيام، والإطعام بأنه ستة مساكين، والنسك بأنه ذبح شاة؛ وهذا ورد في حلق الرأس في قصة كعب بن عجرة وألحقوا بها التقليم، فإذا قلم ثلاثة أظفار فأكثر، فإن عليه الفدية، ويخير بين هذه الثلاثة، وكذلك إذا غطى رأسه بعمامة أو نحوها متعمدا فإنه يفدي، أو لبس مخيطا غير السراويل، إذا لم يجمد الإزار فلبس قميصا أو جبة مثلا، فإن علمه الفدية إذا كان متعمدا، والناسي معذور، كذلك أيضا إذا تطيب؛ سواء كان رجلا أو امرأة فإن عليه الفدية.
وفدية هذه الخمس واحدة، فمن حلق أكثر الشعر فإنه لا بد أن يأتي بواحدة، وله الخيار، فإما أن يصوم ثلاثة أيام، أو يذبح شاة، أو يطعم ستة مساكين، وكذلك من قلم ثلاثة أظافر سواء من يديه أو رجليه فإن له الخيار، فإما أن يفدي بنسك، أو بصيام، أو بإطعام، وكذلك من لبس المخيط ونحوه.
قوله: (وكذلك يحرم على المحرم: قتل صيد البر... إلخ):
أي: يحرم على المحرم قتلى الصيد البري؛ لقوله تعالى: لَا تَقْتُلُوا الصَّيْدَ وَأَنْتُمْ حُرُمٌ [المائدة: 95] والمراد بالصيد هو كل حيوان طبيعته التوحش من المأكولات، كالظباء والوعول وحمر الوحش وبقر الوحش وغنم الوحش، كذلك أيضا الصيد
الصغير، كالضب والجربوع والوبر والأرنب وما أشبهه، والدلالة عليه لا تجوز، وكذلك الإعانة على قتله.
قوله: (وأعظم محظورات الإحرام: الجماع. لأنه مغلظ... إلخ):
أعظم محظورات الإحرام الجماع، لقوله تعالى: فَمَنْ فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ فَلَا رَفَثَ [البقرة: 197] والرفث: الجماع، وتحريمه مغلظ، ويفسد النسك، ويوجب الفدية ببدنة، فإذا وطئ وهو محرم فإنه يبطل حجه ويجب عليه إكماله، وإذا كانا - الزوج والزوجة- محرمين فإنهما يمضيان في نسكهما ويكملانه؛ ولو كان فاسدا، ويقضيانه في العام الثاني، وعليهما بدنة عن هذا الفعل.